هذا هو منهج ابن باز في التعامل مع المخالفين بقلم فضيلة الشيخ / فهد بن عبد الله السنيد
لقد سررت كثيرا بالتحقيق النافع الذي نشرته مجلة " الدعوة " عن دروس سماحة
شيخنا عبد العزيز بن باز في العدد 1638 وأحببت أن أشارك معقبا حول هذا
الموضوع فأقول :
الشيخ - حفظه الله - من بقية السلف الصالح ، فهو زاهد ورع عامل بالسنن
القولية والفعلية ، من الذاكرين لله كثيرا ، محافظ على الأذكار الصباحية
والمسائية وغيرها ، فقد رأيته أكثر من مرة بعدما يصلي راتبة الفجر يذكر
الله حتى يقيم المؤذن لصلاة الفجر وكذلك رأيته أكثر من مرة في درس يبتدأ
القارئ الدرس والشيخ - حفظه الله - في شغل مع الأذكار نحسبه كذلك والله
حسيبه ولا نزكي على الله أحدا .
رأيته كثيرا إذا أذن المؤذن أقبل على إجابة المؤذن وترك ما كان فيه ,
تدهشني رحابة صدر الشيخ - حفظه الله - مع السائل وغير السائل حتى إنه
ليأتيه الرجل من آحاد الناس فيسأله عن حاله وحال أولاده إلى غير ذلك مع
كثرة مشاغله - حفظه الله - .
جاء مرة ذكر كتاب ابن القيم " السماع " فسأل الشيخ رحمه الله - هل هو مطبوع
؟ فقلت له : نعم ، فطلب نسخة من الكتاب ، فاشتريت نسخة من الكتاب وكان
الشيخ قد سافر إلى الطائف فأتيته في منزله وهو خارج يريد الصلاة فسلمت عليه
وأعطيته الكتاب فسأل - حفظه الله - عن ثمنه . . فقلت له هذا هدية - حفظك
الله - فأصر - حفظه الله - عن ثمنه . . فقلت له هذا هدية - حفظك الله -
فأصر - حفظه الله - على معرفة ثمنه وقال لي :كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها وهذا من إثابتها فأخبرته بثمنه فأمر أحد
موظفيه فأعطاني الثمن .
كان الشيخ - حفظه الله - بكاء ، وكان كثيرا ما يبكي عند حادثة الإفك وعند
قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه " من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن
كان يعبد الله فإن الله حتى لا يموت " .
منهج الشيخ - حفظه الله - مع المخالف ينقسم إلى قسمين : -
1 - أن يكون المخالف قد خالف مخالفة صريحة للكتاب أو السنة أو الإجماع ،
فهنا إذا رد عليه الشيخ فإنما يرد عليه بأسلوب رفيع وأدب تام مع بيان
الأدلة من الكتاب والسنة المدحضة لقوله ويأتي - حفظه الله - بعبارات تنم عن
خلق رفيع . كقوله " هداه الله " . و " عفا الله عنه " .
2- أن يكون المخالف قد خالف في مسألة الاجتهاد فيها مصرح ، فهذا لا يرد
عليه الشيخ إنما يذكر القول الذي يرجحه بالأدلة ويضعف أدلة القول الآخر إن
وجدت ولا يأتي - حفظه الله - بعبارات التعنيف والتكبيت والتشنيع ، فليت أهل
العلم في عصرنا نهجوا هذا المنهج ليغلقوا بذلك بابا عظيما ولج منه الشيطان
أعاذنا الله عنه وإخواننا المسلمين .